نيكولاس أوتو Nikolaus Otto

(10 يونيو 1832- 26 يناير 1891)

نشاءة وحياة أوتو

ولد نيكولاس أوتو في 14 يونيو سنة 1832 في بلدة هولزهاوسين  Holzhausen auf der Heide, على نهر الراين بألمانيا. والده كان يشغل منصب رئيس مكتب البريد بالبلدة, والذي توفي بعد ولادة أوتو, قامت والدة أوتو بتربيته, وكنت تعتزم أن يكمل تعليمه في المجال التقني. ولكن فشل الثورة الالمانية سنة 1848 وتدهور الحالة الاقتصادية, جعلت والدته تعتقد إنه من الأحسن له العمل بالتجارة ولهذا في سن 16 سنة ترك المدرسة الثانوية وعمل في محل بقالة, وعمل أيضا كمحاسب في مدينة فرنكفورت وكمسؤول مبيعات يقوم ببيع الشاي والسكر والقهوة وأدوات المطبخ لمحلات البقالة في الجانب الألماني من الحدود البلجيكية والفرنسية.

تزوج أوتو أنا جوسي  Anna Gossiورزق منها سبع أبناء.

في سنة 1882 كرم أوتو بحصوله على الدكتوراه الفخرية من جامعة ورزبرج.

 

توفي أوتو في كولون في 26 يناير سنة 1891 عن عمر يناهز 59 سنة.  

الحياة العملية لأوتو

في سنة 1860, سمع أوتو عن نجاح  تجارب رجل فرنسي يدعى جين-جوزيف إتيان لينوار والتي تتعلق بقيامه ببناء محرك يعمل بالغاز. هذا المحرك يمثل أول نوذج لمحرك الاحتراق الداخلي.

المحركات الموجودة قبل ذلك كانت تعمل بطاقة تأتي من خلال احتراق خارجي, كما في محرك البخار. حيث أنه في محرك البخار, يتم تسخين المياه بواسطة مصدر حراري خارجي, والبخار المتولد يتم ضغطه داخل الأسطوانة وفي حالة تمدده يدفع المكبس داخل الاسطوانة. وبذلك يتم الحصول على قدرة بكل شوط من أشواط المكبس.

على الرغم من الإنجاز العلمي للاختراع, فإن محرك لنوار لم يكن اختراع عملي ناجح. حيث إنه يستخدم نفس مبادئ عمل محرك البخار, إلا إن المكبس لا يتحرك عن طريق البخار, ولكن عن طريق احتراق خليط الهواء والغاز. حظي المحرك بشعبية عالية في البداية لكونه بديل عن استخدام محرك البخار. ولكنه لم يصل إلى المتوقع منه وقل الأقبال عليه, جزئيا بسبب مشاكل نظام الإشعال, ولكن السبب الرئيسي كان استهلاكه العالي للغاز المرتفع الثمن في تلك الأيام, والذي يحتاج إلى تخزينه في الحالة الغازية, كان المحرك يستهلك 100 قدم مكعب من الغاز للحصول على حصان واحد/ ساعة. ويحتاج إلى كمية كبيرة من ماء التبريد حيث أن الحرارة المتولدة من تشغيله عالية جدا, كما إنه يجب غمر كراسي المحاور جيدا في الزيت حتى لا يتصلب للمحرك, كما أن المحرك كان عالي الضوضاء.

شدت التقنية الحديثة انتباه أوتو, وبدأ بالقيام بتجارب لبناء محرك رباعي الأشواط (مطورا محرك الاحتراق الداخلي ثنائي الأشواط للينوار). فشلت محاولته الأولى لبناء محرك احتراق داخلي ولكن هذه المحاولات جذبت انتباه كارل إوجن لانجين Carl Eugen Langen فني وصاحب مصنع للسكر, الذي عرض على أوتو العمل معه في ذلك المجال, فقام أوتو بالاستقالة من وظيفته للتفرغ للعمل في بناء المحرك, وفي سنة 1864 قام الثنائي بإنشاء أول شركة لتصنيع المحركات في العالم أن. أيه. أوتو و سي N.A. Otto and Cie التي انضم إليها فيما بعد كلا من جوتليب ديملار Gottleib Daimler وويلم ميباخ Wilhelm Maybach, (مازلت الشركة تعمل إلى اليوم ولكن تحت أسم ديوتز أيه جي كولن  gas-engine manufacturer Deutz AG, التي تعتبر أقدم شركة لصناعة محركات الاحتراق الداخلي في العالم.

قام أوتو ولانجين بعمل محرك ثنائي الأشواط وأطلق عليه محرك جوي بمكبس حر free piston atmospheric engine  (انفجار الغاز يستخدم لعمل تخلخل والقوة تأتي من خلال الضغط الجوي لإعادة المكبس. وهذا المحرك يستهلك نصف الغاز المستخدم بمحرك لنوار, مما جعلته ناجح تجاريا.

وفي سنة  1867, حصل الثنائي آتو ولانجين على المدلية الذهبية في معرض باريس الدولي للمحرك ثنائي الأشواط هذا والذي تم بناءه العام السابق للمعرض.

ديملر عين للعمل كمدير فني للشركة, والذي أحضر معه مساعد له من المهندسين الشباب يدعى وليم ميباخ. ديملر وميباخ عملا بجانب أوتو في العديد من المشاريع, منها تطوير محرك الاحتراق الداخلي. أوتو, لم يستثمر أي مال في الشركة, ولم يحصل على أي أسهم في الشركة الجديدة ووافق على الحصول على عقد عمل طويل الامد بدلا من ذلك.

في مايو 1876, قام نيكولاس أوتو ببناء أول محرك احتراق داخلي عملي يعمل بدورة رباعية الأشواط والذي يعتبر بديل لمحرك البخار (الشوط هو حركة المكبس لأعلى أو اسفل بالأسطوانة). هذا المحرك صمم كمحرك ثابت يعمل في إدارة الماكينات الثابتة.

تصميم اوتو كان مخالف للمعتقدات السائدة في ذلك الوقت, حيث أن معظم المهندسين كانوا يعتقدون بأن كل شوط يجب أن يعطي قدرة, مثل محرك البخار. وكان اعتقادهم أن تصميم محرك أوتو سيكون ذو كفاءة متدنية مقارنة بمحرك البخار حيث أن هناك شوط واحد للقدرة من أربعة أشوط. وهو ما ثبت عكسه بعد بناء وتشغيل المحرك فإن  ضغط الغاز قبل إشعاله أدى لزيادة كفاءة الاحتراق¸ وزيادة كفاءة المحرك.

 

في سنة 1876 قام أوتو ببناء اول محرك رباعي الأشواط. وقام ميباخ بتحسين عمل المحرك والذي بدأ انتاجه وبيعه بشكل تجاري واسع بنهاية سنة 1876. أطلق على المحرك رباعي الأشواط هذا أسم محرك أوتو, والدورة الحرارية للمحرك سميت دورة أوتو. وكان ذلك يعني نجاح كبير لشركة ديوتز, حيث فاق الطلب على المحرك معدلات انتاج الشركة له, وتمكنت الشركة من بيع 8300 محرك ما بين سنة 1876 و 1889 أي بمعدل 11 محرك بالأسبوع.

استمرت الشركة بتطوير المحرك وأجزائه مع استخدام أنظمة جديدة أكثر فاعلية وكفاءة (كربراتير, نظام إشعال متطور, صمامات, مكابس) مما أدى إلى زيادة سعة المحرك, وسرعته, وتحسن أداءه, وكفاءة عمله, وزادت قدرته. وقد طور أوتو من قدرة محركه ليصل إلى 100 حصان قبل وفاته (قدرة محركه الأول رباعي الأشواط كانت تقريبا 3 حصان).

العمل مع أوتو لم يعطي كلا من ديملر وميباخ التقدير الذي يستحقونه, فقام قاما في سنة 1882 بإنشاء الشركة الخاصة بهما. ونجحا في اختراع أول سيارة تدار بمحرك احتراق داخلي رباعي الاشواط, ففي 1889 قام ديملر بتركيب محرك الاحتراق رباعي الاشواط بعربة خيل, والتي تعتبر أول سيارة رباعية العجلات. ثم عمل على تطوير المركبة للعمل على تسويقها للبيع. وبيعت أول سيارات ديملر في سنة 1890.

في سنة 1886 تم سحب تسجيل براءة اختراع أوتو للمحرك رباعي الاشواط وإعطاء براءة الاختراع إلى المهندس الفرنسي الفونس بو دي روشا لثبوت تسجيله براءة اختراع المحرك الرباعي الأشواط قبل أوتو بعدة سنوات.

تطبيقات استخدام محرك أوتو رباعي الاشواط:

 

 

احتكار تصنيع وبيع محرك أوتو

أصبحت شركة ديوتز هي المحتكر لمحرك أوتو بحيث كانت هي المصنع والمورد الوحيد في العالم والمانح لرخص تصنيع المحرك. وقامت بحماية براءة اختراع المحرك برفع قضايا على أي شركة تقوم بتصنيع أي محرك مشابه لمحرك أوتو.  وقد قام أوتو بتسجيل العديد من براءة الاحتراق المتعلقة بمحركة وأي تطوير ممكن للمحرك, بحيث يجعل من الصعوبة بمكان أمكانية حصول اي من المنافسين على براءة اختراع لأي محرك مشابه. وهذا مما جعل جيمس أتكينسون  James Atkinsonمن استخدام دورة مختلفة عن دورة أوتو عند تسجيله لبراءة اختراع محركه في سنة 1882.   

وقد حصل المنافسين لشركة دويتز على مخرج عند اكتشاف مذكرة ببراءة اختراع للمحرك رباعي الاشواط بتاريخ أقدم من تاريخ براءة محرك أوتو, به عرض مفصل لفكرة دورة أوتو قبل أن يقوم أوتو ببناء محركه. حيث تم اكتشاف مذكرة براءة الاختراع تلك بواسطة محامي صديق لاثنين من المهندسين الألمان المصنعين للمحركات بهانوفر. المذكرة بها براءة اختراع روشا 1862. وعلى الرغم من أن روشا لم يقوم ببناء المحرك أو إنه لم يجدد براءة الاختراع بدفع الضريبة السنوية لبراءة الاختراع. وأنه لم يحاول الدفاع عن براءة اختراعه. فقد تم رفع القضية وخسر أوتو القضية وسحب منه براءة الاختراع ونسبت براءة اختراع المحرك رباعي الاشواط إلى روشا, ومنع أوتو من الاحتفاظ بحق احتكار تصنيع المحرك مما اتاح للعديد من الشركات العاملة في مجال المحركات من تصنيع وتطوير وإنتاج وبيع محركات أوتو.

الخلاصة:

 

* قام أوتو بإنجاز هام في تطوير محركات الاحتراق الداخلي, قام ببناء أول محرك احتراق داخلي رباعي الأشواط. ويرجع إليه الفضل في تحويل أفكار نظرية من على ورق إلى واقع ملموس. عمل ضمن فريق عمل لتحقيق تلك المنجزات. أنشاء أول شركة لتصنيع المحركات في العالم. محرك أوتو مهد الطريق لنشاءة السيارات. على الرغم من اعتماد المجمع العلمي والقضاء بأن دورة أوتو الحرارية هي دورة روشا فإن الدورة معروفة للعالم بدورة أوتو, وعند الدلالة على دورة أوتو في المراجع الفرنسية تكتب دورة أوتو وبين قوسين (دورة روشا).

 

على الرغم من أدعاء المخترعين الإيطاليان أوجينيو بارسانتي و فيليس ماتيوسي  بتشابه طريقة عمل محرك أوتو في كثير من الأجزاء لفكرة الاختراع الذي سبقوه به في سنة 1854 فإنهم لم يستطيعا أثبات صحة ادعائهما حيث لم يتم العثور على المستندات الدالة على ذلك ببراءة الاختراع. وأيضا أدعاء المخترع النمساوي  كريستيان ريثمان إن فكرة المحرك رباعي الأشواط هي فكرته والتي تم تسجيل براءة اختراعها في سنة 1860 , ولكن بالاطلاع على مستندات التسجيل لم يكن واضحا صحة ذلك الادعاء, وفي سنة 1886 تم نسب اختراع المحرك رباعي الاشواط إلى المهندس الفرنسي روشا, ففي سنة 1861 قام المهندس الفونس بو دي روشا بتسجيل براءة اختراع للمحرك رباعي الأشواط والتي سبقت تسجيل براءة اختراع أوتو لمحركه في سنة 1877. ولكن يعزى إلى أوتو بأنه أول من قام ببناء المحرك رباعي الأشواط وتحويل الفكرة إلى واقع ملموس. يعتبر محرك أوتو من أهم العلامات البارزة في تاريخ تصميم المحركات, وفي تمهيد الطريق لاختراع السيارة.